وضعفت الهندوسية عندما خرج غوتاما بوذا ومهاويرا بمذهبيهما أو بدينيهما، ولكن الهندوسية سرعان ما نفضت الغبار وعادت إلى الحياة، وقضت على الانتصار المؤقت الذي تحقق للبوذية والجينية، وسنوضح فيما بعد الظروف التي ساعدت على ذلك، ولكن الهندوسية ظهرت هذه المرة في ثوب جديد نوعا، بفضل شرائع " منو " التي نسقت هذه الديانة واكسبتها قوة كانت من عوامل انتصارها على البوذية والجينية، وظهرت شرائع " منو " في القرن الثالث والثاني قبل الميلاد، وقد لانت فيها الآلهة بعد قسوة وعنف، وذلك بتأثير البوذية في هذا المجال.
ولكن شرائع منو وجهت عنايتها إلى الطقوس وتقديم القرابين أكثر من اهتمامها بالآلهة، ويعتبر هذا تطورا كبيرا في الهندوسية التي كانت توجه عناية كبيرة إلى الآلهة، فاتجهت الآن إلى الطقوس والمظاهر، وكان من مظاهر هذا الاهمال أن اعتبر الإله " براهما " ليس مستقلا بل موزعا في جميع المخلوقات أطيبها وأخبثها يشاطرها مصايرها وينال نصيبا من آثامها وآلامها وبعثها وتحولها (1) وفي ذلك يقول منو " تستقر الروح العليا في أرقى المخلوقات وأسفلها ".
وجاءت المسيحية، وظهر بولس فاقتبس لها اتجاهات التثليث وصلب المسيح ابن الله تكفيرا عن خطيئة البشر..... (2) وانتصر بالقوة والسلطان مذهب بولس لأسباب شرحناها في كتابنا عن " المسيحية " واضطر المسيحيون الذين قالوا بالتوحيد وبنبوة عيسى أن يهاجروا من الدولة الرومانية، فاتخذ بعضهم طريقه إلى الهند، ومنهم بعض النسطوريين الذين نشروا دينهم عند قلة من الهنود كانت الأساس الذي بنى عليه المبشرون