من الحبس فكنت أدخل على ابن العباس بن كشمرد فكان يأنس بي ويحدثني فأرسل إلي ذات يوم في السحر قبل طلوع الشمس وقال لي: خذ هذه الرقعة وهي في كتلة من الطين وامض بها إلى موضع وصفه لي وكان فيه ماء جار قال: واقرأ سورة ياسين واطرح الرقعة في الماء فأخذتها وصرت إلى الماء وأحببت أن أقف فقلعت الطين عنها ونشرتها وقرأت ما فيها قال: أبو عثمان وأخذت عودا وبللته في الماء وكتبت ما في الرقعة على كفي وكتبت اسمي واسم أبي وأمي وأعدت الرقعة في الطين وقرأت سورة ياسين عني وغسلت كفي في الماء ثم قرأت سورة ياسين عن أبي العباس بن كشمرد (ره) وطرحت الرقعة في الماء وعدت إلى مجلسي ذلك بعقب طلوع الشمس فلم تمض إلا ساعة زمانية وإذا برسول السيد يأمر بإحضاري فحضرت فلما بصر بي قال لي أنه قد ألقي في قلبي رحمة لك وقد عرفت على إطلاقك فكيف تحب أن تسير إلى أهلك في البر أو البحر فقلت في البحر وخشيت إن سرت في البر أن يبدو له فيلحقوني ويردوني فقلت في البحر فأمر أن يدفعوا لي كفافي من زاد وتمر وخرجت في البحر فصرت إلى البصرة فلما كان بعد ثلاثة أيام من وصولي البصرة جلست عند أصحاب الكتاب فإذا أنا بأبي العباس بن كشمرد ركب في موكب عظيم والأمراء من خلفه وقد خرج أمير البصرة لاستقباله والجند بين يديه ومن خلفه العساكر محدقة به وهو وأمير البصرة يتسايران فلما رأيته قمت إليه فلما بصر بي وقف على رأسي وقال لي يا فتى كيف عملت حتى تخلصت فحدثته ما صنعته من كتبي ما كان في الرقعة بالماء على كفي وغسلي يدي بالماء ما كنت كتبت عليها قبل أن رميت رقعة فقال لي: أنا وأنت من طلقاء أمير المؤمنين فقلت نعم فمضى حتى نزل في دار أعدت له وحمل إليه أمير البصرة
(٣٨٩)