في البئر وفيما دنا منك من منابع الماء قال ابن كشمرد فانتبهت من وقتي وقمت ففعلت ما أمرني به أمير المؤمنين عليه السلام وأنا مع ذلك قلق غير ساكن النفس لعظيم الجرم والمحنة وضعف اليقين من الآدمين فلما أصبحنا وطلعت الشمس أستدعيت فلم أشك أن ذلك لما وعدت به من القتل فلما دخلت على أبي طاهر وهو جالس في صدر مجلس كبير على كرسي وعن يمينه رجلان على كرسيين وعلى يساره أبو الهيجاء على كرسي وإذا كرسي آخر إلى جانب أبي الهيجاء ليس عليه أحد فلما بصر بي أبو طاهر استدناني حتى وصلت إلى الكرسي فأمرني بالجلوس عليه فقلت في نفسي ليس عقيب هذا الأخير إن شاء الله تعالى ثم أقبل علي فقال:
كنا قد عزمنا في أمرك ما قد بلغك ثم رأينا بعد ذلك أن نفرج عنك وأن نخيرك أحد أمرين أما تجلس فنحسن إليك وأما أن تنصرف إلى عيالك فنحسن إجازتك فقلت له: في المقام عند السيد النفع والشرف والانصراف إلى عيالي ووالدتي عجوز كبيرة السن فيه الأجر والثواب فقال لي: إفعل ما شئت فالأمر مردود إليك فخرجت منصرفا من بين يديه فناداني فرددت إليه، فقال لي: ما تكون من علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقلت: لست نسيبا له ولكني وليه فقال لي:
تمسك بولايته فهو قد أمرنا بإطلاقك والإفراج عنك فلم تمكننا المخالفة لأمره ثم أمسك فجهزت وأصحبني من أوصلني مكرما إلى مأمني فلك الحمد يا ربي انتهى كلام السيد المقدس ابن طاووس رحمه الله تعالى.
أقول وذكر هذه القصة أيضا جماعة من أصحابنا (منهم) الكفعمي (ره) وسيأتي كلامه بعد أن شاء الله تعالى (ومنهم) أي من جماعة أصحابنا قدس الله أرواحهم جميعا.