وقهر أهل مملكته على الحج والطواف لديه وموضعا سماه " المشعر " " وعرفات " " ومنى " وآثارها إلى الآن خراب يباب ولله الحمد، فصار كلما جعل الحجر الأسود في أركانه أصبح في ناحية غير متعلق بالبناء وكان ذلك في سنة 312 اثنتي عشرة وثلاثمائة من الهجرة النبوية على مهاجرها وآله آلاف الصلاة والتحية وكان ردهما في سنة 335 خمسة وثلاثين وثلاثمائة بعد موت الخبيث أبي طاهر القرمطي فمدة إقامتها بالقطيف من البحرين ثلاث وعشرون سنة.
وفي بعض التواريخ إنه بذل في رده بعض الملوك أربعين ألف دينار فلم يقبل فلما أرجعوه اختيارا سألوا عن ذلك فقالوا أخذناه بقدر وأرجعناه بقدر، ونقل أن أبا طاهر كان يخطب للعبديين الفاطميين ويدعي المحبة والولاء لآل رسول الله المصطفى وكذب وأخزى بل أقواله القبيحة وأفعاله الشنيعة تدل على كفره بل وزندقته (لعنه الله وقومه الراضين بأفعاله وأقواله) فلما بلغ الخليفة الفاطمي بمصر ما فعل بالحاج من القتل والنهب وقلع الحجر والميزاب عظم ذلك عليه، فكتب إليه يقبح أفعاله ويكفره ويتبرأ منه فترك أبو طاهر الخطبة ولم يخطب لأحد (هكذا وقفت عليه في بعض التواريخ القديمة).
وحكي أنه لما أتى بالحجر الأسود والميزاب حمله جملة من الجمال وكل جمل حمله قتله حتى نقل أنه مات سبعون جملا وفي بعضها ثلاثون أو أربعون ولما أرجعوه وضعوه على جمل هزيل فكان يسرع في السير إسراعا عنيفا وازداد شحما ولحما وقوة، ولم يعتبر أولئك الطغام، فلعنة الله على من انتهك حرمة الإسلام وسعى في عباد الله وأرضه بالفساد والحرام، وقتل النفوس المحترمة بغير رضى من الله ورسوله عليه وآله الطاهرين وسيأتي الكلام إن شاء الله على بقية من