وقد ضعف حاكم البلد عن قتالهم خارج البلد فحصروها أربعة أشهر حتى افتتحوها عنوة فأشعلوا فيها النار جميعا فخربت البلد وهجمت بيوتها وتملكوا البلاد، وكان حاكمها من قبل من بني عبد القيس من تميم وهم أهل البحرين (أعني الأحساء والقطيف وأوال) فعمدت القرامطة إلى فريق من بني عبد القيس فحرقوهم بالنار وصارت الزارة خرابا يبابا ثم حدثت بعد خرابها القرية المعروفة بالعوامية أول من سكنها وعمرها أبو البهلول العوام بن محمد بن يوسف بن الزجاج أحد بني عبد القيس وهو الذي أخذ جزيرة أوال من القرامطة واستولى عليها بعد ضعفهم وإدبار دولتهم فنسبت إليه وبقيت الزارة خرابا، ثم صارت نخيلا وأشجارا وأنهارا تبعا للعوامية فلما ملكت القرامطة بلاد القطيف صارت لهم قوة عظيمة واستفحل أمرهم وتملكوا بعدها الأحساء وأخذوها قهرا من بني عبد القيس وجمعوا منهم رجالا كثيرة من ساداتهم وأحرقوها بالنار في مكان منها يسمى الرمادة، فلما قوي أمرهم وعظم خطبهم أخذوا (جزيرة أوال) أيضا فصارت البحرين كلها ملكا لهم، ثم أخذوا عمان وما والاها من القرى واستفحل أمرهم جدا ولا سيما في زمن (أبي طاهر القرمطي) الذي يعرف (بقصير الركاب) وبقيت غاراته وخيوله تبلغ الشام ومكة والعراق والبصرة وواسط، وقد نهب البصرة والكوفة ونهب جانب بغداد وانقطع الجسر وإلا لكان دخل الجانب الشرقي وعسكره يومئذ ألف رجل بين فارس وراجل وإلا فكثير من غزواته أربعمائة أو أقل أو أكثر وغار على الحاج مرارا كثيرة، ومن بعضها إنه التقى مع السيدين الجليلين النبيلين النجيبين الفاضلين السيد المرتضى علم الهدى وأخيه السيد الرضي (رضي الله عنهما) وكانت لهما الرياسة على الحاج فأعز ماله من
(٢٧٧)