(والقطيف) المذكورة هي التي ظهر فيها القرامطة وأتوا إليها بالحجر الأسود والميزاب وبنوا فيها بيتا للحج قاتلهم الله ولنذكر حديثهم ومبدأ أمرهم في هذا الباب ونكمله إن شاء الله تعالى في (الباب الثالث) في ترجمة هجر وهي الأحساء فإنها كانت مقر سلطنتهم ومحل غاراتهم ونذكر هناك القصة الكشمردية لما فيها من الفوائد العلية والكرامات الحيدرية والاستغاثة بهم إلى رب البرية فنقول وبالله الثقة والمأمول:
القرامطة قبيلة من الكوفة وهم بنو أبي الحسن بن بهرام الحياني، نسب إلى مذهبه وهو شخص من أهل الكوفة يقال له: (حمدان قرمط) نسب إليه أهل مذهبه فقيل: (القرامطة) والواحد (قرمطي) كما يقال: شافعي منسوب إلى الشافعي (محمد بن إدريس) وحنفي منسوب إلى (أبي حنيفة النعمان بن ثابت) أو إلى القبيلة، فالقرمطي من انتسب إلى هذا بالنسب لا بالمذهب، وجاء منهم جماعة إلى القطيف يضمنون مكوسها وأعشارها وترعرعوا ونمت أموالهم وكثرت أتباعهم، وكان ملك القطيف من بني عبد القيس وتحت ملكها قرية كبيرة تسمى (الزارة) وكانت الممالك في تلك الأوقات والتي بعدها غير مضبوطة وليست كلها تحت ملك الدولة بل من تغلب على بلد تملكها وطرد الذي قبله أو قتله، وربما يخطب لخليفة ذلك الوقت (عباسيا كان أو علويا) وهكذا هو الذي يتصرف فيها كيف يشاء ويدفع عنها من قصدها وإن استفحل أمره فعل ما أراد من إظهار الغارات وتملك الولايات على من أراد حتى على مملكة الخليفة كالقرامطة وغيرهم من المتقدمين وكالوهابيين وغيرهم من المتأخرين، وهكذا فلما استفحل أمر القرامطة الذين في القطيف وتبعهم كثير من الأعراب ومن يريد الانتهاب غاروا على الزارة التي فيها ملك البلاد وحصروها وغادوها الحرب صباحا ومساء