وحديث (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
لا يدل على مدعاه، لأنا لم نتخذه مسجدا، فإن أراد قياس الزيارة عليه فقد سبق الكلام في ذلك.
قوله: (فهم دفنوه في حجرة عائشة خلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء، لئلا يصلي أحد عنده قبره، ويتخذه مسجدا، فيتخذ قبره وثنا).
هذا ليس بصحيح، وإنما دفنوه في حجرة عائشة لما روي لهم: (إن الأنبياء يدفنون حيث يقبضون) بعد اختلافهم في أين يدفن؟ فلما روي لهم الحديث المذكور دفنوه هناك، وهذا من الأمور المشهورة التي يعرفها كل أحد، ولم يقل أحد: إنهم دفنوه هناك للغرض الذي ذكره.
قوله: (وكان الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد، لا يدخل أحد إلى عنده لا لصلاة هنالك، ولا لمسح بالقبر، ولا دعاء هناك).
فنقول: إن هذا لا يدل على مقصوده، ونحن نقول: إن من أدب الزيارة ذلك، وننهى عن التمسح بالقبر والصلاة عنده.
على أن ذلك ليس مما قام الاجماع عليه.
فقد روى أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله الحسيني في كتاب (أخبار المدينة) قال: حدثني عمر بن خالد، ثنا أبو نباتة، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: أقبل مروان بن الحكم، فإذا رجل ملتزم القبر، فأخذ مروان برقبته، ثم قال: هل تدري ماذا تصنع؟!
فأقبل عليه فقال: نعم، إني لم آت الحجر، ولم آت اللبن، إنما جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله.