فإنه يشمل القريب والبعيد، والزائر عن سفر وعن غير سفر، كلهم يدخلون تحت هذا العموم، لا سيما قوله في الحديث الذي صححه ابن السكن: (من جاءني زائرا لا تعمله حاجة إلا زيارتي) (1) فإن هذا ظاهر في السفر، بل في تمحيض القصد إليه، وتجريده عما سواه.
وقد تقدم (2) أن حالة الموت مرادة منه إما بالعموم، وإما أنها هي المقصود.
والثالث: من السنة أيضا:
لنصها على (الزيارة) (3) ولفظ (الزيارة) يستدعي الانتقال من مكان الزائر إلى مكان المزور، كلفظ (المجئ) الذي نصت عليه الآية الكريمة.
فالزيارة إما نفس الانتقال من مكان إلى مكان بقصدها، وإما الحضور عند المزور من مكان آخر.
وعلى كل حال لا بد في تحقيق معناها من الانتقال، ولهذا إن من كان عند الشخص دائما لا يحصل الزيارة منه، ولهذا تقول: (زرت فلانا من المكان الفلاني) وتقول: (زرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مصر) أو (من الشام) فتجعل ابتداء زيارتك من ذلك المكان، فالسفر داخل تحت اسم الزيارة من هذا الوجه.
فإذا كانت كل زيارة قربة، كان كل سفر إليها قربة.
وأيضا: فقد ثبت خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة لزيارة القبور، وإذا جاز الخروج إلى القريب جاز إلى البعيد.
فمما ورد في ذلك: