شئ غير ذلك لذكروه في ذلك المقام، فليتأمل الناظر هذه الفائدة، وليأخذها بكلتا يديه.
وما اختاره القاضي عياض من عصمتهم من الصغائر كعصمتهم من الكبائر، هو الذي أعتقده وأدين الله به وإن كان أكثر المتكلمين على خلافه، ولا يحتمل هذا المكان التطويل بالاستدلال له.
قال القاضي عياض: ولا يهولنك أن نسب قوم هذا المذهب إلى الخوارج، والمعتزلة، وطوائف من المبتدعة، إذ منزعهم فيه منزع آخر من التكفير بالصغائر، ونحن نتبرأ إلى الله تعالى من هذا المذهب.
فصل [ترتيب الشفاعات حسب الروايات] وأما قوله عليه السلام عقب رفع رأسه: (يا رب، أمتي أمتي) فظاهره أن أول شفاعته في أمته.
وفي حديث حذيفة المتقدم: أنه يقوم (وترسل الأمانة والرحم، فيقومان جنبتي الصراط).
ومال القاضي عياض إلى أن هذا في الأول، لأن هذه الشفاعة هي التي لجأ الناس إليه فيها، وهي الإراحة من الموقف، والفصل بين العباد.
ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في أمته صلى الله عليه وآله وسلم في المذنبين، وحلت شفاعة الأنبياء والملائكة وغيرهم.
وجاء في الأحاديث المتقدمة: اتباع كل أمة ما كانت تعبد، ثم تمييز المؤمنين من المنافقين، ثم حلول الشفاعة ووضع الصراط، فيحتمل أن الأمر باتباع الأمم ما كانت تعبد، هو أول الفصل والإراحة من هول الموقف، وهو أول المقام المحمود، وأن الشفاعة التي ذكر حلولها، هي الشفاعة في المذنبين على الصراط، وهو ظاهر