خروجه إلى البقيع، كما هو ثابت في الصحيح، وقد ذكرته في الباب السابع من هذا الكتاب (1).
وخروجه صلى الله عليه وآله وسلم لقبور الشهداء روى أبو داود في سننه (2) عن طلحة بن عبيد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نريد قبور الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حرة وأقم، فلما تدلينا منها فإذا قبور مجنبة (3)، قال قلنا: يا رسول الله، أقبور إخواننا هذه؟ قال: (قبور أصحابنا).
فلما جئنا قبور الشهداء قال: (هذه قبور إخواننا).
وإذا ثبت مشروعية الانتقال إلى قبر غيره، فقبره صلى الله عليه وآله وسلم أولى.
الرابع: الاجماع:
لإطباق السلف والخلف، فإن الناس لم يزالوا في كل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلى زيارته صلى الله عليه وآله وسلم ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج، هكذا شاهدناه، وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة، كما ذكرناه في الباب الثالث، وذلك أمر لا يرتاب فيه، وكلهم يقصدون ذلك، ويعرجون إليه وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة، وينفقون فيه الأموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أن ذلك قربة وطاعة.
وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على ممر السنين - وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم - يستحيل أن يكون خطأ، وكلهم