ذلك من إطلاق القول: بأن الصلاة قربة أو واجبة.
فهكذا أيضا الزيارة من حيث هي قربة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (زوروا القبور) وإن كان بعض أنواعها يقع على وجه منهي عنه، فيكون ذلك الوجه منها منهيا عنه وحده، والحكم بالابتداع على هذا النوع لا يضرنا، ونحن نسلمه، ونمنع من يفعله، والحكم بالابتداع على المطلق عين الابتداع.
[القبور والشرك] وأما الشبهة الثالثة: وهي أن من الشرك بالله تعالى اتخاذ القبور مساجد، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى: * (قالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) *.
قالوا: كان هؤلاء قوما صالحين في [عهد] نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا على صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها.
وتخيل ابن تيمية: أن منع الزيارة والسفر إليها من باب المحافظة على التوحيد، وأن فعلها مما يؤدي إلى الشرك.
وهذا تخيل باطل، لأن اتخاذ القبور مساجد، والعكوف عليها، وتصوير الصور فيها، هو المؤدي إلى الشرك، وهو الممنوع منه، كما ورد في الأحاديث الصحيحة، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (1) يحذر مما صنعوا.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لما أخبر بكنيسة بأرض الحبشة: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق