عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وقال: إنه باطل من حديث مالك ومن حديث مصعب عنه، ومن حديث البغوي عن مصعب، وهو موضوع بهذا الإسناد، والحمل فيه على ابن بطة، هكذا قال في التاريخ.
وحكى مع ذلك أيضا: أنه كان شيخا صالحا مستجاب الدعوة، فالله تعالى يسلمنا من إثمه.
وإنما أردنا أن نبين حاله ليعلم الناظر: أنه على تقدير صحة النقل عنه ليس ممن يبعد في كلامه الخطأ.
وقوله: (إن قول أبي محمد المقدسي: إن قوله: (لا تشد الرحال) محمول على نفي الاستحباب، يحتمل وجهين: أحدهما: أن هذا تسليم منه أن هذا السفر ليس بعمل صالح، ولا قربة، ولا طاعة، ولا هو من الحسنات، فإذن من اعتقد في السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين أنها قربة وعبادة وطاعة، فقد خالف الاجماع.
واعلم: أن هذا الكلام في غاية الايهام والفساد.
أما الايهام، فلأن بعض من يراه يتوهم: أنه استنتج مما سبق انعقاد الاجماع على أن ذلك ليس بقربة، ونحن قد قدمنا عن الليث بن سعد وبعض المالكية ما يقتضي، أن السفر إلى غير المساجد الثلاثة قربة، فبطل التعرض لدعوى الاجماع، وإنما مقصود ابن تيمية رحمه الله إلزام أبي محمد المقدسي على قوله: إن (لا تشد الرحال) محمول على نفي الاستحباب.
وعلى تقدير أن هذا تسليم منه، لأن هذا السفر ليس بعمل صالح، فغاية ما يلزم من هذا أن هذا السفر ليس بقربة، وأن من اعتقد أنه قربة فقد خالف أبا محمد.
وأين ذلك من مخالفة الاجماع؟!
وأما فساده، فلأن أبا محمد إنما تكلم في جواز القصر، ومقصوده إثبات