حجره ليخاطبه ويسمع زيادا فقال: إن أباك فعل وفعل، وإنه يريد الحج، وأم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هناك، فإن أذنت له فأعظم بها مصيبة وخيانة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن هي حجبته فأعظم بها حجة عليه.
فقال زياد: ما تدع النصيحة لأخيك، وترك الحج تلك السنة، هكذا حكاه البلاذري.
وحكى ابن عبد البر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه حج، ولم يزر من أجل قول أبي بكرة.
والثاني: أنه دخل المدينة وأراد الدخول على أم حبيبة رضي الله عنها فذكر قول أبي بكرة فانصرف عن ذلك.
والثالث: أن أم حبيبة حجبته ولم تأذن له.
والقصة على كل تقدير تشهد لأن زيارة الحاج كانت معهودة من ذلك الوقت، وإلا فكان زياد يمكنه أن يحج من غير طريق المدينة، بل هي أقرب إليه، لأنه كان بالعراق، والإتيان من العراق إلى مكة أقرب، ولكن كان إتيان المدينة عندهم أمرا لا يترك.
[البدأة بمكة أو بالمدينة، في سفر الحج؟] واختلف السلف رحمهم الله في أن الأفضل البداءة بالمدينة قبل مكة، أو بمكة قبل المدينة.
وممن نص على هذه المسألة وذكر الخلاف فيها، الإمام أحمد رحمه الله في كتاب (المناسك الكبير) من تأليفه، وهذه المناسك رواها الحافظ أبو الفضل محمد بن