فصل [سؤال الأنبياء قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟] وأما إلهامهم سؤال آدم ومن بعده صلوات الله تعالى وسلامه عليهم، ولم يلهموا في الابتداء سؤال نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
فالحكمة فيه - والله تعالى أعلم - أنهم لو سألوه ابتداء لأمكن أن يقول قائل:
يحتمل أن غيره يقدر على هذا.
فأما إذا بذلوا الجهد في السؤال والاسترشاد، وسألوا غيره من رسل الله تعالى وأصفيائه وأولي العزم، فامتنعوا، ولم يألوهم جهدا في النصح والإرشاد، فانتهوا إليه وأجاب، وحصل غرضهم، حصل العلم لكل أحد بنهاية مرتبته صلى الله عليه وآله وسلم وارتفاع منزلته، وكمال قربه، وعظم إجلاله وأنسه، وتفضيله على جميع المخلوقين من الرسل الآدميين والملائكة.
وحق لصاحب هذا المقام أن يكون سيد الأمم، وأن يسافر إلى زيارته على الرأس، لا على القدم.
فصل [عصمة الأنبياء من الصغائر والكبائر] وأما ما يذكره الأنبياء عليهم السلام فنبه القاضي عياض رحمه الله تعالى فيه على فائدة جليلة تؤكد القول المختار أنهم معصومون من الكبائر والصغائر.
فإن هذه الأشياء التي ذكروها: - أكل آدم عليه السلام من الشجرة ناسيا، ودعوة نوح عليه السلام على قوم كفار، وقتل موسى لكافر لم يؤمر بقتله، وكان ذلك قبل النبوة، ومدافعة إبراهيم عليه السلام على الكفار بقول عرض به هو فيه صادق من وجه - وهذه كلها في حق غيرهم ليست بذنوب، لكنهم أشفقوا منها، إذ لم تكن عن أمر الله تعالى، وعتب على بعضهم فيها لعلو منزلتهم من معرفة الله تعالى، ولو صدر منهم