وبين بيت المقدس - أجزأه.
وصيغة الحديث، كما رويناه، لم يصرح فيه بإتيان بيت المقدس، فيحتمل أن يقال: إنما التزم الصلاة، فلذلك قامت الصلاة في مكة مقامها.
ويحتمل أن يقال: إن الناذر لما لم يكن في بيت المقدس، فهو بنذره للصلاة ملتزم إتيانه، بناء على أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وحينئذ يكون الإتيان ملتزما، لو صرح به، فلما أفتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة في مكة، دل على عدم لزوم الإتيان بالنذر، كما استدل به الشافعي والأصحاب.
وقد أطلنا في هذا الفصل أكثر مما يحتمله هذا المكان، وظهر لك منه أن القربات:
منها: ما يلزم بالنذر بلا خلاف.
ومنها: ما يلزم على الصحيح.
ومنها: ما لا يلزم على الصحيح.
وظهر لك مأخذ كل قسم منها، والصحيح عندنا أنه لا يشترط في المنذور أن يكون جنسه واجبا، وهو مذهب مالك، والوجه الثاني لأصحابنا اشتراطه، وينقل عن أبي حنيفة.
[زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قربة] إذا عرفت هذا، فزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قربة، لحث الشرع عليها، وترغيبه فيها، وقد قدمنا أن فيها جهتين: جهة عموم، وجهة خصوص:
فأما من جهة الخصوص وكون الأدلة الخاصة وردت فيها بعينها، فيظهر القطع بلزومها بالنذر، إلحاقا لها بالعبادات المقصودة التي لا يؤتى بها إلا على وجه العبادة، كالصلاة، والصدقة، والصوم، والاعتكاف.