النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلما أمعن في ذلك ازداد اعتقادا، وهو كما قال القائل:
يزيدك وجهه حسنا * إذا ما زدته نظرا وقد رأيت أن لا أخلي هذا الكتاب من أحاديث الشفاعة على سبيل الاختصار.
فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى في (صحيحيهما) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون.
فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه، ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون إلى من يشفعكم إلى ربكم؟
فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم.
فيأتون آدم فيقولون: يا آدم، أنت أبونا، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا!!
فيقول آدم: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح.
فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله: عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما قد بلغنا!!
فيقول لهم: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب