ثنا ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم...
فذكرها.
إلى أن قال أبو جعفر: يا أبا عبد الله، أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟! بل استقبله واستشفع به، فيشفعك الله تعالى.
هكذا ذكرها القاضي عياض في (الشفاء) في الباب الثالث في تعظيم أمره، ووجوب توقيره وبره صلى الله عليه وآله وسلم (1) ولم يعقبها بإنكار، ولا قال: إن مذهبه بخلافها، بل قال في الباب الرابع (2) في فصل في حكم زيارة قبره: قال مالك في رواية ابن وهب:
وهو إذا سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا، يقف وجهه إلى القبر، لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يمس القبر بيده.
فهذا نص عن مالك من طريق أجل أصحابه - وهو عبد الله بن وهب أحد الأئمة الأعلام - صريح في أنه يستقبل عند الدعاء القبر، لا القبلة.
وذكر القاضي عياض أنه قال في (المبسوط): لا أرى أن يقف عند القبر يدعو، ولكن يسلم ويمضي (3).
قلت: فالاختلاف بين (المبسوط) ورواية ابن وهب في كونه يقف للدعاء أو لا، وليس في الاستقبال.
وقد قدمنا عن كثير من كتب المالكية أنه يقف ويدعو، ولم نر أحدا منهم قال:
بأنه إذا وقف عند القبر يستدبره ويدعو، ولا يجعله إلى جانبه.