في حياته، وبعد موته، والزيارة من جملة البر، لما فيها من الاكرام، ويشبه أن تكون زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبر أمه من هذا القبيل، كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: (استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت) رواه مسلم (1).
ويدخل في هذا المعنى الزيارة رحمة للميت ورقة له وتأنيسا، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (آنس ما يكون الميت في قبره إذا زاره من كان يحبه في دار الدنيا).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه، إلا عرفه ورد عليه السلام).
ذكره جماعة، وقال القرطبي في (التذكرة): إن عبد الحق صححه، ورويناه في (الخلعيات) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضا.
والآثار في انتفاع الموتى بزيارة الأحياء، وما يصل إليهم منهم، وإدراكهم لذلك، لا تحصر.
[اجتماع الأغراض الشرعية في زيارة النبي خير البرية] إذا عرف هذا، فنقول: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثبت فيها هذه المعاني الأربعة:
أما الأول: فظاهر.
وأما الثاني: فلأنا مأمورون بالدعاء له صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان هو غنيا بفضل الله عن دعائنا.
وأما الثالث والرابع: لأنه لا أحد من الخلق أعظم بركة منه، ولا أوجب حقا علينا منه، فالمعنى الذي في زيارة قبره لا يوجد في غيره، ولا يقوم غيره مقامه، كما