هذا من البهت الصريح، وقد قدمنا من فعل ذلك من الصحابة والتابعين، ومن استحبه من علماء المسلمين وأئمتهم، فجحد ذلك مباهتة.
ثم قوله: (قالوا) وجعله ذلك على لسان غيره، إن كان مراده به أن يخلص من تبعته عند المخالفة، فليس ذلك من دأب العلماء.
ثم هو مطلوب بنقل هذا القول برمته عن المتقدمين الذين نسبه إليهم، أو عن بعضهم!
ثم نسبة ذلك إلى غيره لا تخلصه، لأنه إنما حكاه حكاية من يرتضيه وينتصر له، ويفتي به العوام، ويغريهم على اعتقاده، ولا يفرق العامي الذي يسمع هذه الفتيا بين أن يذكره عن نفسه، أو حاكيا عن غيره.
وقوله: (وهذا مما ذكره أبو عبد الله بن بطة في (إبانته الصغرى).
قلنا: قد ذكرنا عن ابن بطة في الإبانة ما يخالف هذا في حق قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ورأيت من يذكر أن لابن بطة إبانتين، وأن الذي نقله ابن تيمية رحمه الله من الصغرى، والذي نقلناه من الكبرى، فإن صح ذلك، وصح ما نقله ابن بطة في الصغرى، فيحمل على غير قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفيقا بين الكلامين.
وإن قال ابن بطة خلاف ذلك، لم يلتفت إليه.
وقد ذكر الخطيب ابن بطة في (تأريخ بغداد) (1) وحكى كلام المحدثين فيه من جهة دعوى سماع ما لم يسمع، وقول أبي القاسم الأزهري فيه: إنه ضعيف، ضعيف، ضعيف، ليس بحجة.
وذكر عنه، عن البغوي، عن مصعب، عن مالك، عن الزهري، عن أنس،