فقد قدمنا إنكار هذا الخلاف، وأنه لم يتحقق صحته إلا ما وقع في كلام ابن عقيل، وقد قدمنا الكلام عليه.
وعلى تقدير صحته وعدم تأويله، لم يتعرض فيه لقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يجوز أن ينقل عنه فيه بخصوصه شئ، من إطباق الناس على السفر إليه.
وابن تيمية رحمه الله نقل المنع من القصر فيه عن ابن بطة، وابن عقيل، وطوائف كثيرين من العلماء المتقدمين.
وهو مطلوب بتحقيق هذا النقل؟ وتبيين هؤلاء الطوائف الكثيرين من المتقدمين؟
السؤال الثالث: أنه جعل المنع من القصر قول متقدمي العلماء، كابن بطة، وابن عقيل، فجعل ابن عقيل من المتقدمين.
ثم جعل القول بجواز القصر قول أبي حنيفة رحمه الله وبعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد، كالغزالي وغيره.
والغزالي في طبقة ابن عقيل، بل تأخرت وفاته عنه، فإن وفاة الغزالي في سنة خمس وخمسمائة، ووفاة ابن عقيل في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، فكيف يجعل ابن عقيل من المتقدمين، والغزالي من المتأخرين؟!
وليس ابن تيمية رحمه الله ممن يخفى عنه طبقتهما، فإن كان مراده بجعله ابن عقيل من المتقدمين أن [يقوي] قوله عند العوام لاختياره إياه، وبجعله الغزالي من المتأخرين أن يضعف قوله عند العوام، فليس ذلك صنيع أهل العلم!
وقوله: إن (من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي) رواه ابن ماجة، ليس كذلك، لم أره في (سنن ابن ماجة) (1).