ويدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يفعل عند وداع البيت.
وفي كتاب (النوادر) لابن أبي زيد - بعد أن حكى في زيارة القبور من كلام ابن حبيب، وعن المجموعة عن مالك، ومن كلام ابن القرظي - ثم قال عقيبه: ويأتي قبور الشهداء بأحد ويسلم عليهم، كما يسلم على قبره صلى الله عليه وآله وسلم وعلى ضجيعيه.
وفيه أيضا من كلام ابن حبيب: ويدل على التسليم على أهل القبور ما جاء من السنة في التسليم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر مقبورين.
وقال أبو الوليد محمد بن رشد المالكي في شرح (العينية) المسمى بكتاب (البيان والتحصيل) (1) في كتاب الجامع، في سلام الذي يمر بقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وسئل عن المار بقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أترى أن يسلم كلما مر؟
قال: نعم، أرى ذلك عليه أن يسلم عليه إذا مر به، وقد أكثر الناس من ذلك، فأما إذا لم يمر به فلا أرى ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
فقد أكثر الناس من هذا، فإذا لم يمر عليه فهو في سعة من ذلك.
قال: وسئل عن الغريب يأتي قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم؟
فقال: ما هذا من الأمر، ولكن إذا أراد الخروج.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا، أنه يلزمه أن يسلم عليه كلما مر به متى ما مر، وليس عليه أن يمر به ليسلم عليه إلا للوداع عند الخروج، ويكره له أن يكثر المرور به، والسلام عليه، والإتيان كل يوم إليه، لئلا يجعل القبر بفعله ذلك كالمسجد الذي يؤتى كل يوم للصلاة فيه، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، لقوله: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور