وابن بطة المذكور توفي في المحرم سنة سبع وثمانين وثلاثمائة بعكبرى، من فقهاء الحنابلة، كان إماما فاضلا عالما بالحديث، وفقهه أكثر من الحديث، وصنف التصانيف المفيدة.
وهكذا قال غيرهما:
قال القاضي عياض (1): قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتبرك برؤية روضته، ومنبره، وقبره، ومجلسه، وملامس يديه، ومواطئ قدميه، والعمود الذي كان يستند إليه، وينزل جبرئيل بالوحي فيه عليه، وبمن عمره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين، والاعتبار في ذلك كله.
وقد ذكرنا في باب نصوص العلماء على استحباب الزيارة قول الباجي المالكي: إن الغرباء قصدوا لذلك، يعني قصدوا المدينة من أجل القبر والتسليم.
ذكر هذا في معرض الفرق بين أهل المدينة والغرباء لما فرق مالك رحمه الله بينهم، كما سبق.
وسنذكر في الباب الرابع من كلام العبدي المالكي في (شرح الرسالة) أن المسير إلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس.
وأكثر عبارات الفقهاء أصحاب المذاهب ممن حكينا كلامهم في باب الزيارة، يقتضي استحباب السفر، لأنهم استحبوا للحاج بعد الفراغ من الحج الزيارة، ومن ضروريها السفر.