رجال لهم حكم عملية وربما يؤيدون من عند واهب الصور بإثبات أحكام ووضع حلال وحرام مصلحة للعباد وعمارة للبلاد وما يخبرون عنه من الأمور الكائنة في حال من أحوال عالم الروحانيين من الملائكة والعرش والكرسي واللوح والقلم فإنما هي أمور معقولة لهم قد عبروا عنها بصورة خيالية جسمانية وكذلك ما يخبرون به من أحوال المعاد من الجنة والنار مثل قصور وأنهار وطيور وثمار في الجنة فترغيبات للعوام بما تميل إليه طباعهم وسلاسل وأغلال وخزي ونكال في النار فترهيبات للعوام بما تنزجر عنه طباعهم وإلا ففي العالم العلوي لا يتصور أشكال جسمانية وصور جرمانية وهذا أحسن ما يعتقدونه في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لست أعني بهم الذين أخذوا علومهم من مشكاة النبوة وإنما أعني بهؤلاء الذين كانوا في الزمن الأول دهرية وحشيشية وطبيعية وإلهية قد اغتروا بحكمهم واستقلوا بأهوائهم وبدعهم ثم يتلوهم ويقرب منهم قوم يقولون بحدود وأحكام عقلية وربما أخذوا أصولها وقوانينها من مؤيد بالوحي إلا أنهم اقتصروا على الأول منهم وما نفذوا إلى الآخر وهؤلاء هم الصابئة الأولى الذين قالوا بعاذيمون وهرمس وهما شيث وإدريس عليهما السلام ولم يقولوا بغيرهما من الأنبياء عليهم السلام والتقسيم الضابط أن نقول (1) من الناس من لا يقول بمحسوس ولا معقول وهم السوفسطائية (2) ومنهم من يقول بالمحسوس ولا يقول بالمعقول وهم الطبيعية (3) ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول ولا يقول بحدود وأحكام وهم الفلاسفة الدهرية (4) ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول والحدود والأحكام ولا يقول بالشريعة والإسلام وهم الصابئة
(٤)