واستظهر بوزيره هامان وكان صاحب الصنعة فقال * (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى) * وكان يريد أن يبني صرحا مثل الرصد فيبلغ به إلى حركات الأفلاك والكواكب وكيفية تركيبها وهيئاتها وكمية أدوارها وأكوارها فلربما يطلع على سر التقدير في الصنعة ومآل الأمر في الخلقة والفطرة ومن أين له هذه القوة والبصيرة ولكن اعتزاز بنوع فطنة وكياسة في جبلته واغترار بضرب إهمال في مهلته فما تمت لهم الصنعة حتى * (أغرقوا فأدخلوا نارا) * فحدث بعده السامري وقد نسج على منواله في الصنعة حتى أخذ قبضة من أثر الروحاني وأراد أن يرقى الشخص الجمادي عن درجته إلى درجة الحيواني * (فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار) * وما أمكنه أن يحدث فيه ما هو أخص أوصاف المتوسط من الكلام والهداية * (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا) * فانحسر في الطريق حتى كان من الأمر ما كان وقيل * (لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا) * ويا عجبا من هذا السر حيث أغرق فرعون فأدخل النار مكافأة على دعوى الإلهية لنفسه وأحرق العجل ثم نسف في اليم مكافأة على إثبات الإلهية له وما كان للنار والماء على الحنفاء يد الاستيلاء * (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) * * (فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك) * هذه مراتب الشرك في الفعل والخلق
(٣٥)