وزادوا هذا تقريرا آخر بإلزام الشرك عليهم إما الشرك في أفعال الباري تعالى وإما الشرك في أوامره أما الشرك في الأفعال فهو إثبات تأثيرات الهياكل والأفلاك فإن عندهم الإبداع الخاص بالرب تعالى هو اختراع الروحانيات ثم تفويض أمور العالم العلوي إليها والفعل الخاص بالروحانيات هو تحريك الهياكل ثم تفويض أمور العالم السفلي إليها كمن يبني معملة وينصب أركانا للعمل من الفاعل والمادة والآلة والصورة ويفوض العمل إلى التلامذة فهؤلاء اعتقدوا أن الروحانيات آلهة والهياكل أرباب والأصنام في مقابلة الهياكل باتخاذ وتصنع من كسبهم وفعلهم فألزم أصحاب الأصنام أنكم تكلفتم كل التكلف حتى توقعوا حجرا جمادا في مقابلة هيكل وما بلغت صنعتكم إلى إحداث حياة فيه وسمع وبصر ونطق وكلام * (أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) * أو ليست أوضاعكم الفطرية وأشخاصكم الخلقية أفضل منها وأشرف أو ليست النسب والإضافات النجومية المرعية في خلقتكم أشرف وأكمل مما راعيتموها في صنعتكم * (أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون) * أو لستم تحتاجون إلى المتوسط المعمول لقضاء حاجة إما جلب نفع أو دفع ضر فهذا العامل الصانع أقدر إذ فيه من القوة العلمية والعملية ما يستعمل به الهياكل العلوية ويستخدم الأشخاص الروحانية فهلا ادعى لنفسه ما يثبت بفعله في جماد ولهذا الإلزام تفطن اللعين فرعون حيث ادعى الإلهية والربوبية لنفسه وكان في الأصل على مذهب الصابئة فصبأ عن ذلك ودعا إلى نفسه فقال * (أنا ربكم الأعلى) * * (ما علمت لكم من إله غيري) * إذ رأى في نفسه قوة الاستعمال والاستخدام
(٣٤)