هو سافل بل إنما يختار ما يختار لنظام كلي وأمر أعلى من الجزئي ثم يتضمن ذلك حصول نظام في الجزئي تبعا لا مقصودا وهذا الاختيار والإرادة على جهة سنة الله تعالى في اختياره ومشيئته للكائنات لأن مشيئته تعالى كلية متعلقة بنظام الكل غير معللة بعلة حتى لا يقال إنما اختار هذا لكذا وإنما فعل هذا لكذا فلكل شئ علة ولا علة لصنعه تعالى بل لا يريد إلا كما علم وذلك أيضا ليس بتعليل لكنه بيان أن إرادته أعلى من أن تتعلق بشيء لعلة دونها وإلا لكان ذلك الشيء حاملا له على ما يريد وخالق العلل والمعلولات لا يكون محمولا على شيء فاختياره لا يكون معللا بشيء واختيار الرسول المبعوث من جهته ينوب عن اختياره كما أن أمره ينوب عن أمره فيسلك سبل ربه ذللا ثم يخرج من قضية اختياره نظام حال وقوام أمر مختلف ألوانه فيه شفاء للناس فمن أين للروحانيات هذه المنزلة وكيف يصلون إلى هذه الدرجة كيف وكل ما يذكرونه فموهوم وكل ما يذكره النبي فمحقق مشاهدة وعيانا بل وكل ما يحكي عن الروحانيات من كمال علمهم وقدرتهم ونفوذ اختيارهم واستطاعتهم فإنما أخبرنا بذلك الأنبياء والمرسلون عليهم السلام وإلا فأي دليل أرشدنا إلى ذلك ونحن لم نشاهدهم ولم نستدل بفعل من أفعالهم على صفاتهم وأحوالهم قالت الصابئة الروحانيون متخصصون بالهياكل العلوية مثل زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر وهذه السيارات كالأبدان والأشخاص بالنسبة إليها وكل ما يحدث من الموجودات ويعرض من الحوادث فكلها مسببات هذه الأسباب وآثار هذه العلويات فيفيض على هذه العلويات من الروحانيات تصريفات وتحريكات إلى جهات الخير والنظام ويحصل من حركاتها واتصالاتها تركيبات وتأليفات في هذه العالم ويحدث في المركبات أحوال ومناسبات فهم الأسباب الأول والكل مسبباتها
(٢٨)