عنها) * أي عن النار * (مبعدون) *.
فأجاب: بأنا لا نسلم أن في ذلك تخصيصا، إذ لا بد له من دخول المخصوص تحت العموم لولا المخصص، وأولئك لم يدخلوا في هذا العام...
لاختصاص " ما " بما لا يعقل. على أن الخطاب كان لأهل مكة وأنهم كانوا عبدة الأوثان، وما كان فيهم من عبد عيسى والملائكة، فلم يكن الكلام متناولا لهم.
ولا يقال: لو لم يدخلوا لما أوردهم ابن الزبعرى نقضا على الآية وهو من الفصحاء، ولرد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يسكت عن تخطئته.
لأنا نقول: لعل سؤال ابن الزبعرى كان بناء على ظنه أن " ما " ظاهرة فيمن يعقل أو مستعملة فيه مجازا، كما استعملت في قوله: * (وما خلق الذكر والأنثى) * * (ولا أنتم عابدون ما أعبد) * وقد اتفق على وروده بمعنى " الذي " المتناول للعقلاء، على أنه أخطأ، لأنها ظاهرة فيما لا يعقل، والأصل في الكلام هو الحقيقة. وأما عدم رد الرسول عليه الصلاة والسلام فغير مسلم، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لابن الزبعرى لما ذكر ما ذكر ردا عليه: ما أجهلك بلغة قومك! أما علمت أن " ما " لما لا يعقل و " من " لمن يعقل. هكذا ذكر في شرح أصول الفقه لابن الحاجب " (1).
وبنفس البيان المذكور لدفع اعتراض ابن الزبعرى، ندفع الإشكال في الإستدلال بالحديث الشريف، ونقول بأن المراد من المنازل هي المنازل المثبتة للفضيلة، والتي ليس لغير أهل الإيمان منها نصيب، ولهذا لم يكن عموم المنزلة شاملا من أول الأمر لكبر السن والأخوة النسبية والأفصحية... فالإعتراض بانتفائها مندفع، كاعتراض ابن الزبعرى الكافر بانتفاء حكم الآية في حق عيسى وعزير والملائكة...