12 - ذكر ابن الحاجب في (الإيضاح - شرح المفصل) أن ضربي زيدا قائما، يفيد معنى: ما ضربت إلا قائما، وأن معنى: أكثر شربي السويق ملتوتا هو:
ما أكثر الشرب إلا ملتوتا. ووجه إفادة الحصر هو: أن المصدر متى أضيف أفاد العموم بالنسبة إلى المضاف إليه، مثل أسماء الأجناس وجموع الأجناس، حيث أنها في حال الإضافة تفيد العموم، ومعنى: ماء البحار حكمه كذا هو: إن حكم جميع مياه البحار كذا. ومعنى علم زيد حكمه كذا: إن جميع علم زيد حكمه كذا.
أقول: فهذه التصريحات من هؤلاء الأكابر المحققين - لا سيما ما ذكره ابن الحاجب والجامي - كافية لإثبات دلالة لفظ " المنزلة " المضاف إلى لفظ " هارون " في الحديث... على العموم...
13 - إنه لا ريب في صحة الاستثناء من لفظ المنزلة المضاف في هذا الحديث الشريف، وصحة الاستثناء تدل على العموم، حسب تصريحات أعاظم علماء الأصول: كالبيضاوي، والعبري، وابن إمام الكاملية، والجلال المحلي، ومحب الله البهاري، وعبد العلي الأنصاري.
14 - إنه قد اعترف (الدهلوي) نفسه بأن صحة الاستثناء المتصل دليل العموم، وقد عرفت صحة الاستثناء المتصل من لفظ " المنزلة " المضاف إلى لفظ " هارون ". فيكون الحديث دالا على عموم المنزلة باعتراف (الدهلوي) أيضا.
15 - إن الاستثناء المتصل هو الأظهر، كما نص عليه ابن الحاجب بل إن الاستثناء حقيقة في المتصل مجاز في المنقطع، كما نص عليه القاضي الإيجي، ومحب الله البهاري، وأضاف البهاري أنه لا يتبادر من الاستثناء إلا الاستثناء المتصل... قالوا: ولهذا لا يحمل علماء الأمصار الاستثناء على المنقطع ما أمكن حمله على المتصل ولو بتأويل، فإذا تعذر حمله على المتصل حملوه على المنقطع.