أقول:
قد تبين - ولله الحمد - أن الاستثناء متصل، ولفظ " المنزلة " محمول على العموم، وأن خروج بعض الأفراد غير المتبادرة غير ضائر... نعم لقد قامت الأدلة السديدة والبراهين العديدة على أن الاستثناء في هذا الحديث الشريف متصل غير منقطع، وأن ذلك صريح رواية أحمد والنسائي وغيرهما من الأعلام، حيث رووا الحديث بلفظ " إلا النبوة " بدلا عن " إلا أنه لا نبي بعدي "...
فلو كان (الدهلوي) صادقا في دعوى لزوم الكذب في كلام المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم، فبماذا يجيب عن تلكم الدلائل الكثيرة والبراهين العديدة الباهرة؟
ثم إن استدلال (الدهلوي) بانتفاء كبر السن غيره مما ذكر، على إبطال عموم المنزلة - وإلا لزم الكذب في كلام المعصوم - يشبه تماما احتجاج ولجاج عبد الله بن الزبعرى الكافر، واعتراضه على قوله تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * (1)... قال عبد العزيز البخاري في بيان أدلة القائلين بجواز تأخير التخصيص: " ومنها قوله تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * أي: حطبها. والحصب ما يحصب به، أي يرمى، يقال: حصبتهم السماء، إذا رمتهم بالحصباء، فعل بمعنى مفعول.
وهذا عام لحقه خصوص متراخ أيضا، فإنه لما نزل، جاء عبد الله بن الزبعرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أليس عيسى وعزير والملائكة قد عبدوا من دون الله، أفتراهم يعذبون في النار؟ فأنزل الله تعالى:
* (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) * أي السعادة أو التوفيق للطاعة * (أولئك