16 - وذكر عبد العزيز البخاري أن أكثر العلماء على أن الاستثناء * (إلا الذين تابوا) * في قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) * هو استثناء متصل، لأن الحمل على الحقيقة واجب مهما أمكن، ولذا قدروا الآية " أولئك هم الفاسقون في جميع الأحوال ".
17 - وذكر عبد العزيز عن الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف في قول القائل: لفلان علي ألف درهم إلا ثوبا: أن هذا الاستثناء صحيح، وهو محمول على نفي قيمة الثوب، فيسقط قدر قيمة الثوب من الألف. قال: والعمل على هذا واجب، لعدم جواز حمل الاستثناء على المنقطع، بل هو متصل بتقدير لفظ القيمة. وقد عزا عبد العزيز البخاري هذا إلى عموم الحنفية كذلك.
18 - وذكر البخاري أن الاستثناء * (إلا أن يعفون) * في قوله عز وجل * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) * متصل بحمل الصدر على عموم الأحوال.
وكذا قال في الحديث: لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء.
أقول: وبهذه الوجوه نقول: بأن الاستثناء في حديث المنزلة متصل لا منقطع، لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إلا أنه لا نبي بعدي " إما هو في تقدير: إلا النبوة لأنه لا نبي بعدي، وإما هو محمول على " إلا النبوة ".
19 - إنه - بقطع النظر عما ذكر - لا يجوز حمل الاستثناء في الحديث على المنقطع، إذ يعتبر في الاستثناء المنقطع وجود المخالفة بوجه من الوجوه مع السابق، كما نص عليه القاضي الإيجي، وكذا القطب الشيرازي مصرحا بأنه مما