حجة مثل النظام وأهل الظاهر فلا حاجة إلى الفرق.
قوله: وقال بعض أصحاب الحديث، كذا ذهب أكثر الحديث إلى أن الأخبار التي حكم أهل الصنعة بصحتها توجب علم اليقين بطريق الضرورة، وهو مذهب أحمد بن حنبل، وذهب داود الظاهري إلى أنها توجب علما استدلاليا.
وأشار الشيخ إلى شبهة الفريقين، فمن قال بأنه يوجب العلم الاستدلالي تمسك بأن خبر الواحد لو لم يفد العلم لما جاز اتباعه لنهيه تعالى عن اتباع الظن بقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وذمه على اتباعه في قوله جل جلاله:
(إن يتبعون إلا الظن) (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون). وقد انعقد الإجماع على وجوب الاتباع على ما تبين، فيستلزم إفادة العلم لا محالة. ومن قال إنه يوجب علما ضروريا قال: إنا نجد في أنفسنا في خبر الواحد الذي وجد شرائط صحته العلم بالمخبر به ضرورة من غير استدلال ونظر بمنزلة العلم الحاصل بالمتواتر.
ويرد عليهم: أنه لو كان ضروريا لما وقع الاختلاف فيه، ولا استوى الكل فيه.
فقالوا هذا العلم يحصل كرامة من الله تعالى فيجوز أن يختص به البعض، ووقوع الاختلاف لا يمنع من كونه ضروريا كالعلم الحاصل بالمتواتر فإنه ضروري وقد وقع الاختلاف فيه.
قوله: قال الله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) الآية، أخبر الله تعالى أنه أخذ الميثاق والعهد من الذين أوتوا الكتاب ليبينوه للناس ولا يكتموه منهم، فكان هذا أمرا بالبيان لكل واحد منهم ونهيا له عن الكتمان، لأنهم إنما يكلفون بما في وسعهم، وليس في وسعهم أن يجتمعوا ذاهبين إلى كل واحد من الخلق شرقا وغربا للبيان، فيتعين أن الواجب على كل واحد منهم أداء ما عنده من الأمانة والوفاء بالعهد، ولأن الحكم في الجمع المضاف إلى الجماعة أنه يتناول كل واحد منهم، ولأن أخذ الميثاق من أصل الدين والخطاب للجماعة بما هو أصل الدين يتناول كل واحد من الأفراد، ثم ضرورة توجه الأمر بالاظهار إلى كل واحد أمر السامع بالقبول منه والعمل به، إذ أمر الشرع لا يخلو عن فائدة حميدة، ولا