فائدة في الأمر بالبيان والنهي عن الكتمان سوى هذا.
واعترض عليه: بأن انحصار الفائدة على القبول غير مسلم، بل الفائدة هي الابتلاء فيستحق الثواب إن امتثلوا والعقاب إن لم يمتثلوا. ألا ترى أن الفاسق منهم داخل في هذا الخطاب مأمور بالبيان بحيث لو امتنع عنه يأثم ثم لا يقبل ذلك منه، وكذا الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين مأمورون بالتبليغ، وإن علم قطعا بالوحي أنه لا يقبل منهم.
وأجيب عنه: بأن للبيان والتبليغ طرفين، طرف المبلغ وطرف السامع، ولا بد من أن يتعلق بكل طرف فائدة، ثم ما ذكرتم من الفائدة مختص بجانب المبلغ وليس في طرف السامع فائدة سوى وجوب القبول والعمل به.
ولا يقال: بل فيه فائدة أخرى وهي جواز العمل به. لأنا نقول: جواز العمل مستلزم لوجوبه، لأن من قال بالجواز قال بالوجوب، ومن أنكر الوجوب أنكر الجواز. وأما الفاسق فلا نسلم وجوب البيان عليه قبل التوبة، بل الواجب عليه التوبة ثم ترتيب البيان عليه، فعلى هذا بيانه يفيد وجوب القبول عليه والعمل به كذا قال شمس الأئمة.
قوله: وقال: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) الآية، وجه التمسك به: إنه تعالى أوجب على كل طائفة خرجت من فرقة الانذار - وهو الإخبار المخوف - عند الرجوع إليهم، وإنما أوجب الانذار طلبا للحذر لقوله: (لعلهم يحذرون) والترجي من الله تعالى محال، فيحمل على الطلب اللازم وهو من الله تعالى أمر فيقتضي وجوب الحذر، والثلاثة فرقة والطائفة منها إما واحد أو اثنان، فإذا روى الراوي ما يقتضي المنع من فعل وجب تركه لوجوب الحذر على السامع، وإذا وجب العمل بخبر الواحد والاثنين ههنا وجب مطلقا، إذ لا قائل بالفرق.
ولا يقال: الطائفة اسم للجماعة، بدليل لحوق هاء التأنيث بها فلا يصح حملها على الواحد والاثنين. لأنا نقول: اختلف المتقدمون في تفسيرها، فقيل:
هي اسم لعشرة، وقيل: لثلاثة، وقيل: لاثنين، وقيل: لواحد وهو الأصح، فإن