وجدت نفسي لا تخلو من إحدى جهتين: إما أن أكون صنعتها أنا أو صنعها غيري؛ فإن كنت صنعتها أنا فلا أخلو من أحد معنيين: إما أن أكون صنعتها وكانت موجودة، أو صنعتها وكانت معدومة؛ فإن كانت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنت بوجودها عن صنعتها، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا، فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا؛ وهو الله رب العالمين، فقام وما أحار (1) جوابا. (2) 3493. عنه (عليه السلام) - لما سأله ابن أبي العوجاء: ما الدليل على حدث الأجسام؟ -: إني ما وجدت شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا وإذا ضم إليه مثله صار أكبر، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى، ولو كان قديما ما زال ولا حال؛ لان الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل، فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث، وفي كونه في الأزل دخوله في العدم، ولن تجتمع صفة الأزل والعدم والحدوث والقدم في شيء واحد.
فقال عبد الكريم: هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت، واستدللت بذلك على حدوثها، فلو بقيت الأشياء على صغرها، من أين كان لك أن تستدل على حدوثهن؟
فقال العالم (عليه السلام): إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع، فلو رفعناه ووضعنا عالما آخر كان لا شيء أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره، ولكن أجيبك من حيث قدرت أن تلزمنا، فنقول: إن الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ضم شيء إلى مثله كان أكبر،