لا يظهران على اللسان ولا يقعان في السمع ويظهران في الكتابة، دليلان على أن إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس، ولا تقع في لسان واصف ولا أذن سامع؛ لان تفسير الإله هو الذي أله الخلق عن درك ماهيته وكيفيته بحس أو بوهم، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس، وإنما يظهر ذلك عند الكتابة، فهو دليل على أن الله سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق، وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه، كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من الحواس الخمس، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف.
فمتى تفكر العبد في ماهية الباري وكيفيته، أله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشيء يتصور له؛ لانه عز وجل خالق الصور، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه عز وجل خالقهم ومركب أرواحهم في أجسادهم. (1) 4023. الكافي عن هشام بن الحكم: قال أبو شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قولنا، قلت ما هي؟ فقال: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) (2) فلم أدر بما أجيبه!
فحججت فخبرت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال: هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه فقل له: ما اسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلان. فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان. فقل: كذلك الله ربنا في السماء إله وفي الأرض إله، وفي البحار إله وفي القفار إله وفي كل مكان إله.
قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز. (3)