توضيح العلامة المجلسي في روايات الحجب:
قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في تبيين الروايات التي هي مثار البحث:
والتحقيق أن لتلك الأخبار ظهرا وبطنا وكلاهما حق فأما ظهرها، فإنه سبحانه كما خلق العرش والكرسي مع عدم احتياجه إليهما، كذلك خلق عندهما أستارا وحجبا وسرادقات، وحشاها من أنواره الغريبة المخلوقة له؛ ليظهر لمن يشاهدها من الملائكة وبعض النبيين ولمن يسمعها من غيرهم عظمة قدرته وجلال هيبته وسعة فيضه ورحمته، ولعل اختلاف الأعداد باعتبار أن في بعض الاطلاقات اعتبرت الأنواع، وفي بعضها الأصناف، وفي بعضها الأشخاص أو ضم بعضها إلى بعض في بعض التعبيرات، أو أكتفي بذكر بعضها في بعض الروايات، وأما بطنها فلأن الحجب المانعة عن وصول الخلق إلى معرفة كنه ذاته وصفاته أمور كثيرة:
منها: ما يرجع إلى نقص المخلوق وقواه ومداركه بسبب الإمكان والافتقار والاحتياج والحدوث، وما يتبع ذلك من جهات النقص والعجز، وهي الحجب الظلمانية.
ومنها: ما يرجع إلى نوريته وتجرده وتقدسه ووجوب وجوده وكماله وعظمته وجلاله وسائر ما يتبع ذلك، وهي الحجب النورانية، وارتفاع تلك الحجب بنوعيه محال، فلو ارتفعت لم يبق بغير ذات الحق شيء، أو المراد بكشفها رفعها في الجملة بالتخلي عن الصفات الشهوانية والأخلاق الحيوانية، والتخلق بالأخلاق الربانية بكثرة العبادات والرياضات والمجاهدات وممارسة العلوم الحقة، فترتفع الحجب بينه وبين ربه سبحانه في الجملة، فيحرق ما يظهر عليهم من أنوار جلاله تعيناتهم وإراداتهم وشهواتهم، فيرون بعين اليقين كماله سبحانه ونقصهم، وبقاءه وفناءهم وذلهم، وغناه وافتقارهم، بل يرون وجودهم المستعار في جنب وجوده الكامل عدما، وقدرتهم الناقصة في جنب قدرته الكاملة عجزا، بل يتخلون عن