فضلا عن أن جميع الأحاديث التي مرت في الباب الرابع من هذا الفصل تدل على هذا المعنى أيضا. (1) الرابع: الروايات التي تعبر عن حجاب الله - عز وجل - بالنور.
يحتمل - كما قيل - أن يكون المراد من الحجب النورانية رؤية العابد عبادة نفسه، فإن العبادة نور، لكن إن رآها السالك يصب بنوع من الأنانية التي تحجب المعرفة الشهودية.
وقيل: إن المراد بالحجب النورانية، المخلوقات الأفضل، بمعنى أن كل مخلوق أفضل يحجب ما دونه؛ لأنه واسطة الفيض إليه ولكن لا يستقيم هذا الاحتمال مع ما مر من الأحاديث في هذا الشأن، فتأمل.
إذا، يتيسر لنا أن نقول: إن المراد من خرق حجب النور بأبصار القلوب الوارد في المناجاة الشعبانية:
" وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة... " هو أن السالك في سلوكه إلى الله يبلغ نقطة تماط فيها حجب الأنانية كلها نتيجة لشدة حب الله سبحانه فلا يرى شيئا إلا الله سبحانه وتعالى، وكما قال الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي ما تعريبه:
" لا حجاب بين العاشق والمعشوق * فنفسك هي الحجاب يا حافظ فأزحها " وهذه المرحلة من معرفة الله وإن كانت تمثل أعلى منازل السلوك وأسمى درجات المعرفة لكنها لا تعني إحاطة المخلوق بالخالق ومعرفة كنه الله سبحانه