اذن يرى صدر المتألهين (قدس سره) ان النفس والروح المجردة، ثمرة الطبيعة ونتاج المادة المتسامي، وان عالم المادة بمنزلة النهر الجاري العكر، الذي يصير بالتدريج من الفوق صافيا وزلالا، وبفعل الحركة الجوهرية التكاملية يسلك مختلف المسيرات، ويقدم موجودات مجردة، وحتى أرواح الأنبياء والأولياء - الذين بلغوا في الكمال قمة عالم العقول والمجردات الكاملة - نتاج متسام للأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة والأجساد النقية، وبحسب المصطلح، هم أسمى ثمار عالم المادة في قوس الصعود، حيث وصلوا إلى مرتبة العقل الكامل.
ومراده من الحركة الجوهرية التي تؤدي إلى تكامل جميع النفوس و تجردها، هي الحركة الطبيعية وغير الاختيارية التي تشمل النفوس السعيدة و الشقية على السواء، والتي تطوي مراحل التجرد بطبعها، دون الحركة الاختيارية الحاصلة عن طريق الايمان والتحلي بالأخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة التي تخص النفوس السعيدة.
فكما ان للشجرة نوعين من الحركة: حركة تكاملية طبيعية تنمو فيها الشجرة باستقامة أو انحراف، وحركة ناتجة عن رعاية الفلاح وعنايته بها حيث يجعلها مستقيمة باختياره، ويحول دون انحرافها، فكذلك نفس الانسان لها نوعان من الحركة، وان كمال الانسان وقيمته بحركته الجوهرية الاختيارية، حيث يسير باخلاصه وايثاره وايمانه في طريق الحق، لا بالحركة الجوهرية الطبيعية التي يستوي فيها البر والفاجر.
الاستشهاد ببعض آيات القرآن الكريم استشهد لتأييد رأي صدر المتألهين (رحمه الله) ببعض آيات القرآن الكريم، الذي