بالمخ، أو بعضو آخر من أعضاء الانسان؟ فقد قال أحد العلماء الغربيين: " بحثت كثيرا، فلم أجد أي أثر للروح تحت مبضع التشريح ".
ناصر: يبدو أنك لم تلتفت إلى معنى " المجرد "، فالمجرد لا يخضع للمبضع، و هو فوق المادة، ومتحرر من قيود الزمان والمكان والوضع والمحاذاة، ولكن بما اننا نتعامل في حياتنا العادية مع الظواهر المادية والموجودات المرتبطة بالزمان والمكان، يتبادر إلى ذهننا عند استعمال كلمة " الموجود " الموجود المادي بحكم الاستقراء الناقص والأنس الذهني، فنقع في الخطأ ونسمح لأنفسنا بانكار الموجودات المجردة الخارجة عن حريم المادة، في حين ان هذا الحكم خاطئ من الأساس؛ لان عدم العثور على شيء بواسطة الحواس الظاهرة لا ينهض دليلا على عدم واقعية ذلك الشيء.
ان الفيلسوف الواقعي هو الذي يقبل بالواقعية الخارجية كما هي، سواء كانت مادية أم فوق المادة، وبما ان للانسان روحا مجردة وراء الأعضاء والأجهزة المادية، وهي ملاك وحدة الانسان الحقيقية وشخصيته الواقعية التي تنتهي إليها جميع ادراكاته ونشاطاته، فإن الحديث عن وجود مكان مخصوص لتلك الروح، حديث خاطئ تماما.
ان روح الانسان ونفسه وادراكاته ليست في المخ ولا ممتزجة بعضو آخر، فهي من حيث الوجود أعلى مرتبة من البدن وأعضائه، إنها برغم عدم حلولها في أي مكان من البدن، وعدم خضوعها لمبضع التشريح، مشرفة على البدن و جميع أجهزته، وهي تستفيد منها في مسيرتها التكاملية.
فلو أن الروح قطعت ارتباطها واشرافها عليه لحظة واحدة لما بقي أي أثر