الإلهيين والماديين يكمن في ان الإلهيين يرون ان العلة الأولى وواجب الوجود بالذات والمبدأ موجود مجرد من المادة واحكامها والحد والماهية، وله علم و شعور وحكمة، في حين يراه الماديون موجودا ماديا وغير مدرك. وان برهان النظم في الحقيقة يتكفل اثبات التجرد والعلم والحكمة الإلهية. (1) وما أردت من برهان النظم سوى ذلك، وان المادة غير الشاعرة، والتي ليس لها سوى القوة والانفعال والتأثر وفقدان الكمال الذاتي، ويراها الماديون مبدأ الكون، لا تصلح ان تكون مبدأ الكون المنظم والمتسق؛ إذ لا يكون الاتساق والنظم الا بالعلم والحكمة، فكيف يمكن للمادة التي هي صرف قوة و قابلية ان تكون منشأ هذه الفعليات الكثيرة في الكون؟!
اثبات وجود الله تعالى ووحدانيته وصفاته ببرهان الصديقين نرى طبعا امكان إقامة برهان يثبت أصل وجود الله تعالى ووحدانيته و علمه وحكمته وسائر صفاته الكمالية واتحادها بذاته، وتبعا لذلك يثبت النظم والانسجام في الكون بلا حاجة إلى مقدمة مثل أصل العلية أو بطلان الدور و التسلسل، وفي الحقيقة والواقع لا يمكن الوصول إلى المعرفة الحقيقية الاستدلالية الا عن طريق هذا البرهان.
منصور: هذا ادعاء كبير، وسأكون سعيدا إذا بينت لي هذا البرهان.
ناصر: ان بيان هذا البرهان المعروف ب " برهان الصديقين " الذي يؤدى بنا