القوى الادراكية والتحريكية لدى الانسان، من باب المقدمة:
المراتب الثلاث لروح الانسان أ - قال الفلاسفة القدماء كابن سينا (قدس سره) وغيره: ان لروح الانسان ثلاث مراتب: المرتبة النباتية، والمرتبة الحيوانية، والمرتبة الانسانية. وقد عبر عنها أحيانا بالأرواح الثلاث: الروح النباتية، والروح الحيوانية، والروح الانسانية.
الا ان الصحيح هو التعبير الأول؛ لان امتلاك ثلاث أرواح مستقلة يستلزم وجود ثلاث شخصيات متميزة، وهو أمر باطل قطعا؛ لأننا ندرك بوجداننا ان لكل واحد منا شخصية واحدة، وان تعدد القوى والمراتب لا يستلزم تعدد الشخصية.
فالانسان في بداية تكونه من النطفة ينمو كالنباتات، ثم تظهر فيه الحواس في مرحلة تكاملية تدريجية، فلا يملك حتى عند الميلاد سوى حركات و ادراكات حيوانية جزئية، الا انه ينمو تدريجيا حتى يبلغ مرحلة التعقل و التفكير الذي يحدد هويته ويميزه من غيره، اذن لكل انسان روح واحدة لا أكثر، الا ان هذه الروح تنطلق في حركتها التكاملية المادية من المرحلة النباتية إلى الحيوانية، ومنها إلى الانسانية، ومعنى التكامل هنا الاحتفاظ بخصائص المرحلة السابقة عند الدخول في المرحلة اللاحقة، فهو بحسب المصطلح الفلسفي ليس بنحو " الخلع واللبس " بل بنحو " اللبس بعد اللبس ".
وحينما يبلغ المرحلة الأخيرة تكون عنده روح انسانية محتفظة بخواص