هو شر، ونسبة الشر إلى الله تتنافى مع عظمته وقداسته، وقالوا: ان مثل العالم كبناية أقامها المعمار ثم تركها وشأنها، أو هو بمنزلة مصنع اقامه صاحبه وأدار عتلاته وعجلاته، ثم أخذت تتحرك من تلقائها دون حاجة اليه.
وخلاصة القول: ان المعتزلة ترى أن أفعال المخلوقات وآثارها ومنها الانسان، عائدة إليها، وان أثر كل موجود متعلق به، وهو ما يطلق عليه اصطلاحا لفظ " التفويض ".
الأمر بين الأمرين " لا جبر ولا تفويض " وهناك رأي ثالث وهو القول ب (الأمر بين الأمرين) الذي صدع به الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، ثم تداوله الفلاسفة المسلمون، وبعض عرفاء العامة، فوجدوه دقيقا، وموافقا للموازين العقلية والفلسفية والعرفانية، وإليك بعض الروايات:
1 - في رواية معتبرة عن الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام)، قالا:
" ان الله ارحم بخلقه من ان يجبر خلقه على الذنوب، ثم يعذبهم عليها، والله أعز من ان يريد أمرا فلا يكون.. فسئلا (عليهما السلام): هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا (عليهما السلام): نعم، أوسع مما بين السماء والأرض ". (1) والمراد من " القدر " في هذه الرواية " التفويض "، وبذلك رد هذان الامامان العظيمان (عليهم السلام) نظرية الأشاعرة والمعتزلة، وأثبتا رأيا ثالثا.