يغدو الشقاء والخبث فيهم ذاتيا بالمعنى الأول، ويكون مصداقا لقوله تعالى:
(ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون). (1) شبهة المجازاة وجوابها اما السؤال الثاني القائل: خلق الله الانسان قادرا مختارا، فيقوم على أساسه بفعل الشر ويرتكب المعاصي، فلماذا يعاقبه بالعقوبات الدنيوية من قبيل الحدود والقصاص، أو البرزخية والأخروية؟
فجوابه: ان الذي يقترف المعاصي والشرور باختياره عنادا وتقصيرا لا تكون معاقبته قبيحة، بل هي عين الاحسان والعدل، فان العقوبات الدنيوية كالقصاص والحدود وبعض البلايا كبعض الزلازل والطوفان وغيرها تؤدي إلى تأدب المذنب واستيقاظه وانتقاص عذابه الأخروي، وإزالة النقص الذي أصاب الروح بسبب اقتراف الذنب، فقد جاء في الحديث: " الآلام تمحيصات للذنوب " و " الحدود كفارة لأهلها "، (2) كما ان فيها عبرة للآخرين من افراد المجتمع، مما يوفر الأرضية المناسبة للمناخ السالم للتكامل المعنوي وحتى المادي.
كما ان العقوبات البرزخية والأخروية ليست عقوبات اعتباطية جزافية، من قبيل العقوبات التي يفرضها الملوك والمستبدون من الحكام، وانما هي لازمة لأعمال المذنب بل هي عينها تتجسد في البرزخ أو الآخرة على صورة نار