وإن ذلك الوجود الواحد الشخصي أصيل، وأن الماهيات مثل الملك والإنسان والسماء والأرض والشجر وما إلى ذلك تعينات وظهورات لذلك الواحد الشخصي، وليس لها وجود لذاتها وإنما هي ظهورات لذلك الأمر الواحد، وعليه فإن الأفعال الصادرة عن الموجودات ومنها الإنسان هي فعل الله من حيث الوجود، وأما من ناحية التعين والمحدودية فتكون منسوبة إليها وإلى العبد، وهذا هو " الأمر بين الأمرين ".
مسألة الشرور والمحاباة من عدة زوايا منصور: لو ذهبنا إلى رأي الأشاعرة من ان حسن العدل وقبح الظلم من الأمور التي لا يمكن للعقل ان يدركها، وقلنا: ان ما يفعله الله هو الحسن و العدل، وما يتركه هو القبيح والظلم، أمكن عند ذلك عد جميع الشرور والبلايا والظلامات التي تحدث في هذا العالم عدلا، واما إذا قلنا بمذهب العدلية القائل بادراك العقل لحسن العدل وقبح الظلم واختيار الانسان في افعاله، فسوف يصعب توجيه كل هذه الشرور والبلايا وأنواع المحاباة: من قبح بعض الموجودات وجمال بعضها، وكمال بعضها ونقص الآخر، وكون بعضها انسانا و الآخر ملكا أو حيوانا أو جمادا، وكذلك الشرور والبلايا من الزلازل و السيول المدمرة وموت الفجأة وغيره، وكذا خلق الله الانسان وإقداره على فعل الظلم والشر ومعاقبته عليه دنيويا أو برزخيا أو أخرويا، فأي هذه الأمور تنسجم مع العدل الإلهي؟!
فاما ان يكون الله عالما بظهور هذه الشرور والبلايا والتفضيلات في نظام