اما الأول: فجوابه ما تقدم من ان الله سبحانه مفيض للوجود العيني و الخارجي للأشياء، وان الماهيات والقوابل تنتزع من الوجودات الخاصة، وامتيازات القوابل ذاتية لها، فلا يمكن اعطاؤها ولا سلبها، كالانسان و الحصان وما شاكلهما، فهي مرتبطة بالله من حيث الوجود وقائمة به، الا ان هذا لا يعني ان الله جعل الانسان انسانا والحصان حصانا، بل الانسان انسان بالذات، والحصان حصان بالذات، وان كون الانسان فاعلا مختارا يمكنه اختيار الخير أو الشر، أمر ذاتي له، فالانسان يعني الماهية الكذائية المختارة، وقد أوجد الله هذه الماهية، وأما سبب اعطاء الوجود لمثل هذه الماهية المتمكنة من ارتكاب الشر والمعصية، فجوابه ما تقدم في خلق الشيطان، فأولا: إن الله فياض على الاطلاق، فكل ما يقبل الوجود يكون مشمولا لفيضه، وان الوجود خير محض، والشر أمر عدمي.
وثانيا: ان هذا الأمر العدمي لازم لهذا الوجود، ولا يمكن انفكاكه عنه.
وثالثا: ان الخير فيه غالب على شره.
ورابعا: ان ما يعد شرا، فيه مصالح، منها بروز الأرضية لتفتق القابليات والكفاءات الكامنة في هذا الفاعل المختار.
الاختلاف الماهوي بين الإنسان والشيطان منصور: هناك اختلاف بين الشيطان والانسان، فالشيطان ظاهرا لا يصدر منه سوى الوسوسة والشيطنة، في حين هناك من الناس من يقدم على فعل الخير باختياره ويبتعد عن الشر، وعليه يمكن للإنسان أن يكون مختارا،