التكوين أو لا، فان لم يكن عالما، كان علمه محدودا، وان كان عالما ولم يستطع الحيلولة دون وقوعها، عادت المحدودية إلى قدرته، وان كان عالما وقادرا، ومع ذلك لم يحل دون وقوعها، لم يكن رحيما وعادلا ورؤوفا، وكان ظالما، تعالى وتقدس.
الأجوبة الاجمالية والتفصيلية ناصر: هناك جوابان عن اشكالك، أحدهما اجمالي تقدمت الإشارة اليه في ذيل " برهان الصديقين " على اثبات وجود الله، وسنعيده ثانية، والآخر تفصيلي:
أما الجواب الاجمالي: فهو ان الله وجود لا متناه، وليس له حد بالنسبة إلى أي وجود وكمال وجودي، وبتعبير الفلاسفة: " ان الله ليست له ماهية "، إذ لو كانت له ماهية وحد وكان متناهيا، للزم ان يكون هناك فوقه موجود آخر ليستند اليه في وجوده ومحدوديته، في حين ان الله لا فوق له، فهو على رأس سلسلة نظام الوجود، وعليه ليس هناك وجود أو كمال وجودي من العلم و القدرة والحياة والإرادة والحكمة وما إلى ذلك، الا وكان الله واجدا له على النحو الأكمل والأتم. وليس هناك ضعف ونقص إلا وكان فاقدا له، وقد ورد في دعاء رجب الصادر عن الناحية المقدسة (عج): " محصي كل معدود وفاقد كل مفقود " وعليه فإن ما يتصور من المحاباة والشرور والبلايا، ليس له سبيل إلى حريم كبريائه عز وجل، وليس ذلك مخلا بعلمه وقدرته وحكمته وعدله، فلابد من البحث عن مصدره خارج الذات المقدسة.