الله تعالى، والمجردات المرتبطة بها بلا واسطة، التي تقع وسائط بين الله وعالم المادة، مثل الملائكة المقربين، أو " العقول المجردة " على حد تعبير بعض الفلاسفة، وتجرد الله طبعا أقوى وأكمل من تجرد المجردات المعلولة له؛ لان المعلول المجرد ذو ماهية لكونه محدودا، وان تجرد عن المادة ولوازمها، اما الله تعالى فهو لكونه موجودا غير متناه، مجرد حتى عن الماهية، فليس له حد ما هوي.
إن الله وجود غير متناه ولا محدود، وهو قطب جميع الموجودات، وان كل كمال - كالعلم والقدرة والحياة والحكمة - عين ذاته، وان سائر مراتب الوجود دونه مرتبطة به ومعلولة له، فتكون ناقصة ومحدودة قهرا، وكلما ابتعدت الموجودات عن مصدر الوجود ومركزه، اشتد نقصها ومحدوديتها، حتى تصل إلى أدنى مرحلة في الوجود وهي عالم المادة التي تفقد الثبات بسبب ضعفها و نقصها، وتمتزج بالحركة وعدم القرار.
ومن أجل تفهيم مراتب الوجود يشبهها الحكماء بمراتب النور ودرجاته، فالشمس مثلا مركز النور، ونورها العمودي والمستقيم متصل بها بلا واسطة، والنور الذي ينعكس في الغرفة من خلال الباب والنافذة انعكاس للنور الخارجي ومتصل به، فهو أضعف منه، والنور الذي ينعكس من الغرفة الأولى إلى الثانية، أضعف منه بحيث انه أدنى إلى الظلمة.
ومن خلال التدبر في هذا المثال تتضح شدة الوجود وضعفه وطولية مراتبه بشكل جيد.
اذن ذات الله المجردة كاملة وغير محدودة وأزلية وأبدية، وهناك