والصافي، فكلاهما ماء، الا ان الصافي منهما أسمى وأنقى، وان النور الساطع من الشمس مباشرة والمنعكس إلى الغرفة من النافذة، كلاهما نور، الا انهما مختلفان شدة وضعفا، وان الضعيف منهما شعاع من اشعاعات الشديد.
وهكذا الوجود، فان الله تعالى وجود غير محدود، وهو أشد وأسمى من جميع الموجودات المجردة والمادية، وانها بأجمعها شعاع ومظهر لله، وان الله محيط بها جميعا، (1) الا انها ليست كإحاطة الجسم الكبير بالصغير، بل من قبيل إحاطة العلة الموجدة بمعلولاتها التي هي مظاهر لها، وتسمى إحاطة قيومية، تقوم المعلولات في لحمتها وسداها بذاته.
الفاعلية الطبيعية والفاعلية الإلهية منصور: ان العلية قائمة حتى بين الكائنات المادية، فالمعمار علة البناء، والفلاح علة إيجاد الشجرة، والوالدان علة وجود الولد، فكيف تعد الجميع في رتبة واحدة؟!
ناصر: لا توجد بين الكائنات المادية علية وفاعلية حقيقية بمعنى الايجاد، وليس بامكان أي موجود مادي ان يوجد المعدوم محضا، بل ان بعضها من الشروط والمعدات الوجودية للبعض الآخر، وقد تكون فاعلة وموجدة للحركة، فلا يسع العلل المادية سوى تحريك المواد ونقلها وتغيير أشكالها وصورها.
فالمعمار ينقل المواد الإنشائية ويركبها فوق بعضها، فيقوم البناء ويبقى حتى