آمنا به كتابا سماويا، منها قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين). (1) فقد بينت هذه الآية الشريفة مراحل الحركة الجوهرية والطبيعية في المادة التي انتهت إليها الانسانية بتبدل النطفة إلى علقة، وطي المراحل الأخرى حتى بلوغ الانسانية.
وليس السير في هذه المراحل والمنازل المتعاقبة بان تفنى ذات وجوهر و تحل محلها ذات أخرى، أو تبقى تلك الذات والجوهر الأول وتتبدل عوارضه من قبيل الشكل واللون والمقدار، بل ان تلك الذات وذلك الجوهر الأول تتكامل في مرتبة الذات، ويسير جوهر الذات تدريجيا نحو الكمال، وهذا هو الحركة الجوهرية، وان التغيرات الكمية والكيفية وكذا الوضعية والأينية، مظاهر لذلك التكامل الجوهري؛ لان كل عرض تابع لموضوعه في الوجود و بالتالي في احكامه من التغير والتكامل، فتصل النطفة بعد سلوك المنازل المختلفة إلى الانسانية، بل قد يصل بعض الافراد إلى الانسان الكامل ومرتبة العقل الكل. (2) وطبعا حينما تصل الصورة المادية إلى كمالها المادي وتصبح مستعدة لتقبل