والسنة تحمل على المعاني العرفية، وان الكثير من مصاديقهما واضح، ولم يقم نهج الكتاب والسنة على الإلغاز والتعمية، نعم قد يعجز العقل أحيانا عن تحديد بعض مصاديق العدل، ولكنه بحث آخر. هذا.
ولكن ينبغي الالتفات إلى ان الآيات والروايات الواردة في اثبات عدل الله وقسطه برغم كثرتها، لا تغني عن الحسن والقبح العقليين؛ إذ مع انكار الحسن والقبح العقليين، يرد احتمال الكذب في جميع تلك الآيات و الروايات، ولا يحصل الاطمئنان بها الا بعد حكم العقل بقبح الكذب عليه تعالى.
دليل الأشاعرة ومسألة الجبر والاختيار منصور: كيف ذهب الأشاعرة - برغم علمهم - إلى نبذ هذه السيرة العقلائية العالمية، وانكار الحسن والقبح العقليين مع حكم العقل - بقطع النظر عن العرق والوطن والدين واللغة والثقافة وظروف الحياة - بحسن بعض الأمور ومدح فاعلها، وقبح بعضها وذم فاعلها؟!
ناصر: يبدو ان منشأ ذلك انهم توهموا ان مقتضى التعبد بالكتاب والسنة والاعتقاد بحاكمية الله تعالى، نفي حاكمية العقل، وان الله ما لك لجميع النظام الكوني وان تصرفه فيه تصرف فيما يملكه، وليس للعقل مجال للحكم في أفعال الله ومالكه.
وقد غفلوا أن أساس التعبد بالكتاب والسنة وحاكمية الله إنما جاء من العقل، فلو تجاهلنا العقل وجردناه من سلاحه، لم يبق لنا طريق لاثبات النبوة،