وقد أشرنا حتى الآن إلى ثمانية أمور بشأن القوى الادراكية والتحريكية و أجهزتها المادية لدى الانسان، وعرفنا ان لكل واحد من مدركات الانسان و نشاطاته، أجهزته المخصوصة المستقلة عن أجهزة القوى الأخرى، وحتى المخ الذي هو مركز الادراكات والنشاطات، فيه اجزاء مخصوصة لكل واحد من القوى المختلفة.
جميع القوى الادراكية والتحريكية لخدمة شخص واحد برغم ان كل واحد منا يمتلك قوى وأجهزة مختلفة، الا اننا ندرك بالوجدان ان جميع الادراكات الجزئية والكلية والظاهرية والباطنية، وجميع الأنشطة و الحركات، صادرة من واحد حقيقي، فكل فرد من أفراد الانسان واحد حقيقي وراء جميع هذه القوى والأجهزة، وان لجميع الانفعالات المادية جهة اعدادية وتمهيدية، فان الأجهزة والوسائل المادية لا توجد الادراكات والحركات، و انما هي مجرد معدات توفر الأرضية لنشاط الحقيقة الواحدة التي هي فاعلة و منشأ للجميع، وهي حقيقة الانسان، وانها بحسب الذات فوق المادة ومجردة عنها، برغم احتياجها في فاعليتها إلى البدن والأداة المادية، فهي مدبرة لها، ومحيطة بها جميعا وتستفيد منها.
بعض الأدلة على اثبات تجرد الروح الدليل الأول: اننا لو أغمضنا أعيننا، وغفلنا عن كل شيء والتفتنا إلى ذاتنا، لأدركنا ذاتنا بالعلم الحضوري، بمعنى ان جميع ذاتنا كانت حاضرة عندنا،